lundi 26 octobre 2009

البارصا


ما إن انتهت مقابلة البارصا – مانشستر يونايتد، برسم نهائي أبطال أوروبا، يوم الأربعاء 27 ماي المنصرم، حتى خرج الجمهور المغربي إلى الشارع لخوض مباراة أخرى ضد " الحالة التي وصلت إليها الكرة المغربية " بقيادة العميد " حسني بنسليمان. وهو تعبير عن انتهاء مرحلة الولاء الوطني إلى مرحلة الولاء للجيّد والممتع: ما كاينش الولاء فابور! لقد ظلت ظاهرة تشجيع الفرق الاسبانية، إلى حدود بداية التسعينيات، حالة تخص شمال المغرب؛ لاعتبارات القرب واللغة والماضي الاستعماري الاسباني، إلا أن انتقال عدوى " الليغا " إلى كل ربوع المملكة، وبنفس طقوس المشاهدة والتعصب التي كانت تربط، حصرا، الشماليين بالفرق الاسبانية؛ لهو امر يستحق الاهتمام. ما يستحق الانتباه أكثر هو استئثار فريق " البارصا " أكثر من غيره، بتشجيع وتقليد الشباب المغربي، حيث أصبحت مظاهر التشيع للبارصا واضحة في لباس الشباب المغربي وفي سلوكاته. شي نهار الدولة تكَول ليك " زعزعة عقيدة مشجِّع" !




رْصا را لاعبة البارصا




حالة من الصمت والوجوم تعم المقهى، العيون مثبتة بتركيز على الشاشة، فيما تكشف الوجوه عن تغضنات تنم عن حالة قلق وترقُّب. فجأة ينطق أحدهم "وبزاف على هاد الخشوع" لينقلب صمت المقهى إلى قهقهات وتبادل التعليقات الساخرة والملغّزة بين مناصري " البارصا" ومناصري "الريال" اللي كْراو حناجرهم للمانشستر. يعلق مصطفى، وهو من عشاق "الريال" " حنا ضد البارصا وخّا تلعب غير مع اتحاد زحيليكَة " ويرد عليه المختار " بارصاوي" " الله يعظّم الأجر أوليدي" ملمحا إلى " الريال" التي خسرت كل الألقاب هذا الموسم. بين تعليقات هؤلاء وردود أولائك، تعلو المقهى صرخات مفاجئة، كلما ضيعت البارصا محاولة للتسجيل. لتعود التعليقات الشامتة في قدرة لاعبي الفريق الكاتالاني على التهديف، و حتى من طرف مشجعي البارصا الناقمين على شي لاعب " زرق"، وهي تعليقات غاية في العنصرية " واش الشيخة تماركي" في إشارة إلى اللاعب الأرجنتيني ليونيل ميسي ذي الشعر الطويل أو" زكَلها العبد " زعما الكاميروني صمويل إيتو. بعد المقابلة التي انتصرت فيها "البارصا" على " المانشسترر" بهدفين لصفر، ستنطلق "السهرة العمومية الكبرى" في شوارع المملكة، ها الدقة المراكشية، ها كَناوة، ها الغياطة. والحمدو الله ماعندناش صحاب المانشستر فالمغرب ولا كون وقع لينا بحال هداك النجيري للي دهس المشجعين ديال البارصا بالسيارة وقتل فيهم أربعة. مجانين البارصا بالمغرب ليسوا كمجانين الإسبان الذين كبدوا بلديتهم ما مقداره 150 ألف أورو غير ديال علامات المرور والطاروات ديال الزبل والبولات ديال الضو ( بالفرحة هرس الرحى). أما مجانين بارصا المغرب، فباستثناء الشاب "ياسين بلعسل" مول " الله .الوطن. البارصا" فإن عنفهم يثير الضحك، ولا يطال غير مشجعي "ريال مدريد" مثل حلاق العرائش "موخيكا" الذي صبغ جدران محله بالأحمر والأزرق وزين جدرانه بصور لاعبي البارصا، بقا غير "لافافو" بيض(لون الريال مدريد)، لأن يبصق فيه ويغسل فيه الوسخ. كما أن المتعصبين للبارصا بتطوان أو " الفاناتيسموس" لا يشربون الحليب إلا مخلوطا بالسيرو ديال الكَرانادي، حتى يكسروا مدريديته. أما في الرباط والدار البيضاء فإن مشجعي "البارصا" يسمون صحاب "الريال" ب الدجاج لبيض. إيوا كيفاش يمكن نفسرو هاذ الظاهرة التي أصبحت ظاهرة وطنية، بعد أن كانت من مخلفات" فرانكو" بالمنطقة الشمالية؟



من البارصا إلى برشلونة



السوسيولوجي "عبد الله الرامي" يرجع انتشار ظاهرة تشجيع الفرق الاسبانية في ربوع المغرب، بعدما كانت مرتكزة فقط في شماله إلى خمسة متغيرات هي: " أولا، ارتفاع جودة اللعبة باسبانيا سواء من الناحية الفنية او من ناحية التخطيط. ثانيا، تواضع الدوري المحلي بالمقارنة مع الاسباني على جميع المستويات. ثالثا، تحول الاهتمام بالدوري الى عنصر ثقافي هووي، يعني عنصر انتماء جديد محفز على اختيارات خاصة في اللون و الازياء و المظهر و الاهتمام و العلاقات... رابعا، ظهور تكنلوجيا الاعلام الجديد من فضائيات و انترنت، و التي ساهمت في نقل الدوري الى اقصى الحدود..و قد واكب هدا الظهور ارتفاع حدة التنافس بين الفضائيات الرياضية و المواقع الالكترونية في تغطية و اخراج افضل للمباريات و هو الامر الدي ينتج عنه ازدياد الحماس و الشوق عند الجمهور. خامسا، مساهمة المهاجرين المغاربة في اسبانية بنشر تقافة تشجيع الفرق الاسبانية الى الداخل.. و خصوصا اولئك الدين ينحدرون من المناطق التي لم تتعود متابعة الدوري الاسباني.. كما ان الهجرة الداخلية ساهمت في تجدير هذه الثقافة في الداخل، فؤلئك الذين هاجروا الى طنجة، مثلا، من الداخل استبطنوا هده الثقافة و صدروها الى مناطقهم." ظهور فريق " البارصا" ك " كائن إعلامي، بتعبير عبد السلام بنعبد العالي، يحمل قميصا كتبت عليه أحرف وأرقام ويتحرك داخل استديوهات كبرى" سوف يقضي على حضور باقي الفرق الأخرى التي كان لها عشاقها وعلاقاتها مثل تلك التي نشأت بين الرجاء البيضاوي و أولمبيك مرسيليا و أتلتكو مدريد إثر لعب العربي بنبارك لهما، أو تلك العلاقة التي كانت بين أتلتكو مدريد والمغرب التطواني، الذي كان يحمل اسم أتلتكو تطوان، ولا زال يلعب بقمصان الأتلتيكو إلى الآن...فالآلة الإعلامية، أساسا الخليجية، هي التي ستجعل جمهورا عريضا يكتشف أن هناك " فريكَ كَدّ الدِّنيا" يلعب في استوديوهات قطر و السعودية اسمه " برشَلونة ".



البارصا أكبر من مجرد فريق




يعتبر الملاحظون الرياضيون بالمغرب واسبانيا أن غالبية متتبعي " الليغا" الاسبانية يميلون لتشجيع الفريق الكتلاني، فحسب السوسيولوجي "عبد الله الرامي" فإن معظم جمهور الدوري الاسباني من المغاربة ينقسمون إلى قسمين "قسم مدريد الذي يهتم بهدا الفريق لكونه يضم نجوما عالميين، و يمتلك تاريخا كبيرا و موارد مالية ضخمة و كونه فريق العاصمة الاسبانية و الغريم التقليدي للبارصا، وقسم بارصاوة و هم الاغلبية كما يتضح من خلال ملاحظة بسيطة في نسبة مشجعيه في المقاهي..كما ان نسبة عالية من المهاجرين المغاربة بمنطقة كاتالونيا يعتزون بفريق البارصا، و يناصرون الفريق بروح عالية.. و للتدكير فمغاربة برشلونة الأكثر اندماجا باسبانيا حسب دراسة أشرفت عليها الباحثة الإسبانية في علم النفس بيرتا ألفاريس إسميرالدا...و اعتقد أن ميل كفة مشجعين البارصا له علاقة بهذا العامل و كذلك عامل حضور البعد الاجتماعي للفريق و اهتمامه بمساعدة الفقراء في العالم الثالث" فقد سلم الاتحاد الاسباني لكرة القدم، في ديسمبر 2007، جائزة أنشط فريق في العمل الاجتماعي لفريق البارصا الذي كان قد وقع في غشت 2006 اتفاقا مع منظمة اليونيسيف بمقر الأمم المتحدة تحت شعار" البارصا أكبر من مجرد فريق" لمساعدة الأيتام والأطفال المصابين بمرض السيدا،في الدول الفقيرة، ويلعب الفريق بأقمصة تحمل شعار اليونيسيف، في الوقت الذي كان بإمكانه جني أرباح طائلة من وراء حمل شعار إحدى الشركات متعددة الاستيطان، يقول شكيب الشودري، الذي استقبل في يناير المنصرم رئيس البارصا "خوان لا بورطا" الذي زار طنجة لإعطاء الانطلاقة لمركز التضامن للتربية والرياضة، قبل أن يعرج على تطوان لزيارة جمعية أنصار ومحبي البارصا بها، حيث تدارس مع رئيس الجمعية " شكيب الشودري" مشروع إنجاز مدرسة لكرة القدم. ها علاش الناس كيحماقو.



إطار


فريق الأحلام


تأسس نادي " إف سي برسلونة" سنة 1899 على يد المهاجر السوسري" هانز غامير" حيث خاض رفقته بطولة كاس "مثيا" التي فاز بها سنة 1901، ولم يستطع الفريق الفوز بأول بطولة وطنية إلا سنة 1929، وهي السنة التي استطاع الفريق خلالها بناء ملعب" لا كورطيس" الذي لم يكن يتسع في بدايته لأزيد من 30 ألف متفرج، ومع بداية الحرب الأهلية لسنة 1936، عرف الفريق جملة من المشاكل جراء انتسابه إلى منطقة كانت مناهضة للديكتاتور فرانكو . ومع ذلك استطاع الفريق انطلاقا من سنة 1940 من حصد بطولتين وثلاث كؤوس للملك، بفضل لاعبيه الكبار من أمثال" سيزار" و" فاليسكو" و" كوبالا". وفي بداية الخمسينيات انتقل الفريق للعب على أرضية ملعب" النيو كامب" حيث لايزال. وقد عاد الفرق في السبعينيات إلى التألق وحصد الألقاب بفضل نجمه الكبير " يوهان كريف" الذي حل بالفريق سنة 1973. وفي بداية الثمانينيات وقع الفرق عقدا مع لاعب البوكاجينيورز الأرجنتيني " دييغو مارادونا" إلا أن إصابته أدت برحيله عن الفريق، ومع مطلع التسعينيات سيحل "كريف" مدربا للفريق حيث سيستقدم النجم البرازيلي روماريو، واللاعب المتميز سطايشكوف وغيره من أساتذة كرة القدم، وهكذا سيحصل الفريق على "الليغا" لأربع سنوات متتالية، وعلى دوري أبطال أوروبا سنة 1992. وفي موسم 1996 حل "كريف" لتدريب النادي فضم رونالدو، الذي كان يلعب مع نادي أيندنهوفن الهولندي وقد استطاع أن يحقق لبرشلونة ثلاثة ألقاب، من ضمنها كأس أبطال الكؤوس وكأس الملك الإسباني. ثم حل المدرب الهولندي لويس فانغال في موسم 1997، حيث جلب للفريق، رفقة الهداف البرازيلي "ريفالدو" لقب الدوري الإسباني مرتين إلا أنه فشل في الفوز بدوري أبطال أوروبا. وبعد انتخاب خوان لابورتا رئيسا للفريق استقدم النجم البرازيلي رونالدينو والمدرب فرانك رايكارد حيث أنهى الفريق موسم 2003-2004 في المركز الثاني بعدما كان طيلة النصف الأول للموسم ا في ذيل الترتيب. وفي الموسم الموالي تصدر البارصا الدوري من بداياته وناله باستحقاق ليرفع النادي عدد مرات حصوله عليه لسبع عشرة مرة. و حصل الفريق بعد ذلك على الدوري الإسباني مرة أخرى في موسم 2005-2006 للمرة الثامنة عشرة في تاريخه بقيادة المدرب فرانك ريكارد. وها هو الفريق مجددا في موسم 2009 في أوج عطائه وتألقه: البطولة وكاس الملك وكاس أبطال أوروبا.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire