lundi 26 octobre 2009

محاولة قتل (رواية) "محاولة عيش" لمحمد زفزاف


محاولة قتل


(رواية)


"محاولة عيش" لمحمد زفزاف



يوم الجمعة 25 شتنبر المنصرم نشرت يومية "التجديد"، القريبة من حزب العدالة والتنمية، مقالا للصحافي " بلال التليدي" بعنوان " استنكار اعتماد "رواية" لا أخلاقية لتلاميذ السنة التاسعة"، تطرق فيه الصحافي الإسلامي إلى رواية الرحل "محمد زفزاف" المقررة منذ ثلاث سنوات لتلامذة السنة التاسعة من التعليم الإعدادي، و المعنونة ب " محاولة عيش"، والتي تتسم، حسب التليدي، " بهيمنة قيم لا تربوية، وتحمل في طياتها تشجيعا للنشء على تبني ونقل مفاهيم سيئة ومنحطة حول الأسرة والزواج والعلاقة بين الزوجين". فالرواية، يقول "التليدي"، استنادا إلى شكاوى تلقتها " التجديد" من عدد من الآباء، ''سوقية من الغلاف إلى الغلاف..وتنوه بالممارسات اللاأخلاقية، وتقدمها للمتعلمين في صورة نموذج للاقتداء''، كما " تقدم نماذج تغري المتعلمين بالجرأة على مخالفة تعاليم الدين الإسلامي وضرب أسس المواطنة الصالحةّ " ! بالمقابل أعدت جريدة "الاتحاد الاشتراكي" ملفا قدمت له بسؤال: "هل المغرب في حاجة اليوم، إلى مثل هذا النقاش؟!" الذي هاجمت فيه " التجديد" رواية زفزاف "تأسيسا على معايير أخلاقية لا تستقيم بالضرورة مع المعايير الجمالية للأدب وللتحليل الأدبي، ولا مع الشرط البيداغوجي للعملية التربوية، التي لا تستجيب سوى للشرط العلمي الأكاديمي". وفُكها.



أخلاق غير روائية !


يعيدنا النقاش، التربوي والأخلاقي، الدائر حول رواية "محاولة عيش"، إلى علاقة الرواية بالأخلاق، وقبلها علاقة الأدب بالأخلاق. فقد خضعت كلمة " أدب"، عند العرب، لتطور عبر التاريخ ، فبعدما كانت في "الجاهلية" تعني الزردة أي "المأدبة "، نجدها، مع قدوم الإسلام، قد أخذت حمولة أخلاقية، كما يدل على ذلك الحديث النبوي: " أدبني ربي فأحسن تأديبي"، وهو المفهوم الذي مازلت تحمله، إلى الآن، كلمة أدب في الدارجة المغربية؛ شي واحد "مْأدّب" يعني مخلق. أما الأدب بمعنى الكتابة التخييلية، الفنية فقد دخل متأخرا إلى مجال التداول العربي. فهل يمكن إرجاع دعاوى "الإخوان" إلى تخليق الأدب إلى حنينهم إلى "صدر الإسلام"، أيام كان الأدب يعني الأخلاق؟ ثم هل يمكن، بناء عليه، اعتبار الدعوة إلى منع تدريس رواية "محاولة عيش" خطوة نحو إقامة محاكم تفتيش أدبية، كما ذهب إلى ذلك الناقد نجيب العوفي؟ هذا ما ينفيه جملة وتفصيلا بلال التليدي في الرد الذي نشرته " التجديد" بتاريخ 30 شتنبر 2009، و حمل عنوان" رواية " محاولة عيش" والحاجة إلى نقاش تربوي علمي" حيث يقول " التجديد لم تر أي حرج في أن يكون هذا النص الروائي ضمن المقررات الدراسية لدى فئة عمرية أخرى يكون عندها قدر كاف من الحس النقدي تميز به بين الطابع الإبداعي للرواية والنماذج التربوية المقدمة". إذن واش المشكل غير فالفئة العمرية المعنية بهاذ الرواية وْكان؟ ذلك ما يؤكده ل "نيشان" بلال التليدي " الرواية مقررة لمستوى عمري هو المراهقة والناشئة للي ماعندهومش حس نقدي غادي تشجعهم قراءة الرواية على السكر وربط علاقات مع مومسات ". محمد يتيم، الذي قدمه بلال التليدي في المقال سالف الذكر بصفته باحثا في علم النفس التربوي، سيكون رأيه معمِّما، ما فيها لا صغير لا كبير، فهو " لا يعتقد أن هناك بلدا يمكن أن يعتمد في منهاجه التربوي، رواية تخالف القيم التربوية المنصوص عليها في هذا المنهاج. مهما تكن قيمتها الفنية"، وهكذا "طالب يتيم بسحب الرواية ودعا إلى الكشف عن الأبعاد التربوية من وراء تقريرها". إوا اتّافقو أ الإخوان. أحد الشعراء، فضل عدم ذكر اسمه، صرح ل" نيشان" بأن "هذه المهزلة لن تنتهي إلا بشي فقيه مصنكَع غادي يكفّر محمد زفزاف كما فعل الزمزمي مع المهدي بن بركة ! " أما خالد الصمدي رئيس "المركز المغربي للدراسات والأبحاث التربوية" فيعتبر أن "مسألة وضع معايير بشأن المقررات الدراسية أمر معمول به حتى في فرنسا. ثم إن التلميذ في الإعدادي يعتبر أن المدرِّس يحمل الحقيقة، وأن ما يدرسه هو المقدس، والكتاب المدرسي هو الحقيقة، ومن ثم لا تكون لديه القدرة على وضع مسافة بينه وبين النص الأدبي. ثم يضيف، أما في المرحلة الثانوية فتتكون لدى التلميذ حاسة نقدية بفعل دروس الفلسفة تمكنه من أخد مسافة من كل ما يقرأه. لذلك اقترحت أنا، في مؤتمر لأساتذة "التربية الإسلامية" سنة 1998، إدراج نصوص مخالفة للتصور الإسلامي، في كتاب هذه المادة، دليلي في ذلك، يقول خالد الصمدي، أن القرآن لا يتضمن الرأي الواحد، بل يعرض آراء المشركين والمنافقين وإبليس... يناقشها ويرد عليها، ونحن نقرأها ونأخذ عليها الأجر." ولكن القرآن كَاع ما ممنوع فالسنة التاسعة إعدادي أ السي الصمدي ! راه وقيلا المقارنة عندك ماشادّاش ؟



هكذا تكلم " محمد زفزاف"


تحكي رواية " محاولة عيش"، التي تدور أحداثها في الستينات، أيام تواجد القاعدة العسكرية الأمريكية بالقنيطرة، قصة "حميد". المراهق الذي يعيش رفقة والدته المتسلطة، ووالده الكسول الذي يسلبه مدخول يومه من بيع الجرائد في الميناء. فجأة سينغمس "حميد" في ليل المدينة و سيألف حاناتها وعاهراتها اللواتي يصطحبن الأمريكيين في آخر الليل. في إحدى هذه الليالي سيتدخل حميد لتخليص عاهرة اسمها "غنو" من قبضة جندي أمريكي سكران. وهكذا ستصبح "غنو" جميمتو، من دون أن تترك حرفة بيع الهوى. في هذه الغمرة ستقرر والدة حميد زواجه من " فيطونة" الغليضة، العرجا. حيث سيبني له والده براكة، بعد إرشاء مقدم الحومة. في ليلة الدخلة سيفاجأ حميد بأن فيطونة ليست عذراء. و بهدوء سيركب دراجته، في اتجاه حبيبته غنو. " رواية "محاولة عيش" تٌعد بحق رواية الاتجاه الواقعي الانتقادي، رواية ذلك التيار الذي قدم دفعةً جديدة للرواية المغربية. تيار الرواية الناطقة باسم السواد الأعظم من الهامش المغربي المنسي. أفراد مثل حميد، يبيعون الصحف من دون أن يتمكنوا من قراءتها. أناس يحاولون فقط أن يعيشوا" يقول الشاعر محمود عبد الغني، قبل أن يتساءل مستغربا: "أرواية مثل هذه تمنع؟ "



إطار


روايات مسجلة خطر


تعتبر رواية " الخبز الحافي" لمحمد شكري، والتي طبعت سنة 1982، واحدة من أشهر و أكثر الروايات العربية مبيعا، في العالم. فقد ترجمت إلى 38 لغة، و يتوقع، في غياب إحصائيات دقيقة، أن تكون بيعت بالملايين. ورغم إقرار النقاد بالقيمة الأدبية والجرأة التي اتسمت بها سيرة محمد شكري الروائية، فلا أحد ينكر أن منع الرواية في عدد من الدول العربية، كان سببا قويا في تلهف القارئ لاقتنائها واكتشاف عوالمها الشيقة. نفس الشيء لاقته، مع وجود الفارق، واحدة من أشهر الروايات السياسية العربية، والتي قال عنها ادوارد سعيد " مدن الملح" لعبد الرحمان منيف، هو العمل القصصي الوحيد الذي يتناول أثر النفط و الأمريكيين والحكام المحليين في أحد بلدان الخليج"، صدرت هذه الرواية في خمسة أجزاء مابين 1984و1989 " ومنعت في عدد من دول " المحور الأمريكي"، ولا تزال ممنوعة إلى الآن في السعودية. أما رواية " وليمة لأعشاب البحر" للكاتب السوري " حيدر حيدر"، والتي صدرت سنة 1983، فقد منعت لمدة 11 سنة بسبب ما اعتبره "الأزهر" إساءة للذات الإلهية. طبعت الرواية، تحت الحصار، أكثر من عشر طبعات، ونالت شهرة ما كانت لتحظى بها لولا ضجة الوعاظ النقاد ! أما عميد الروائيين العرب نجيب محفوظ فبقدر ما قادته روايته الممنوعة" أولاد حارتنا" إلى جائزة نوبل في 1988، بقدر ما كانت قريبة تجيب ليه التمام ! بعد أن طعنه في عنقه شاب ملتح، سيعترف أمام المحكمة بأنه لم يقرأ أي من روايات الرجل للي صيفطوه "لخوت" يخلي دار بوه. طبعت "أولاد حارتنا" أول مرة في بيروت سنة 1962، ولم تعد لتطبع في مصر إلا بحلول سنة 2006.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire