lundi 26 octobre 2009

الأحكام الجاهزة

الأحكام الجاهزة

من منا لم يضحك يوما على شخصية العروبي "المتهور"، أو السوسي "الزقرام"، أو البركاني " البليد"، أو الفاسي " الخواف، المطور"، أو المراكشي " اللوّاط"، أو الكازاوي" العايق والخاسر"... حتى دون أن يتساءل منين جات هاد الأحكام الجاهزة، و ما مدى مطابقتها لواقع المعنيين بها ؟ "نيشان" طرقت باب المونولوغيست الساخر"حسن الفد" والباحث السوسيولوجي " جمال خليل" لنفض الغبار عن هذه الصور النمطية المترسخة في أذهاننا.

البركاني "غبي"

خلال السنوات الأخيرة تحولت شخصية البركاني، في النكتة المغربية، من شخصية تضحك الجار الوجدي، إلى شخصية إضحاك وطنية، بل إن عددا من المنتديات العربية أصبحت تفسح المجال للتنكيت على البركاني، فتجد تعليقات في أحد المواقع الخليجية على الأنترنيت مثل " ماشا الله. كَتلتني من الضحك هاي النكتة على البُركاني" التنكيت على البركاني" النيّة" يشكل أيضا مادة للتنفيس على المهاجرين المغاربة في الخارج، " ففي مدينة روتردام بهولاندا تأسس نادي تلقائي من براكنة و وجادة، لتبادل النكت، في ودّ وتسامح، دونما عنصرية، بل بغاية اقتسام الضحك" يقول المونولوغيست الساخر"حسن الفد" ،الذي يضيف، أن استشعار البركانيين بالغاية التواصلية والحميمية لمثل هذا التجمع ؛ حدا بهم إلى نقل آخر النكت عنهم إلى جلسائهم في النادي؛ دونما مركب نقص. لكن، ما الذي يجعل من صفتي السذاجة والغباء ماركة بركانية بامتياز؟ رغم أن مدينة بركان أنجبت عددا من رموز المغرب الحديث مثل رئيسي أول وآخر حكومة مغربية " مبارك البكاي الهبيل" و" عباس الفاسي"، كما أنجبت البطل العالمي " هشام الكروج" ولاعب التنس " يونس العيناوي" والمسرحي " عبد الكريم برشيد" والسنمائيين "على الصافي" و" كمال كمال" والمؤرخ " جرمان عياش" وآخرون، ممن ساهموا بذكائهم في إسماع صوت المغرب في العالم." أغلب البراكنة للي التقيت بهم لقيتهم ناس على مستوى عالي من الذكاء" يقول "حسن الفد" أما عن سبب التصاق صفة الغباء بشخصية البركاني في النكتة، فيردها "الفد" إلى "نجاح هذه النكت على المستوى الفني، وأيضا إلى كونها نكت ذات بنية جاهزة، يمكن أن تقال على البركاني كما يمكن أن تنسب إلى الفرنسي أو الأمريكي أو غيره". ولكن واش ما كاين تاعلاقة بين طباع البراكنة وتلك الصفات المحكية في النكت؟ " لا.. تقريبا 90 فالمئة ديال الواقع كاين فالنكت على البراكنة" تؤكد "عائشة" وهي أستاذة في بركان من أصول وجدية "فالناس ديال بركان بيئتهم بدوية، وهمّا ناس فلاحة طييبين، وعندهوم لفلوس، وبالتالي كتكون التناقضات، تضيف " عائشة"، بحال هاداك البركاني للي شرا طوموبيل ديكابوطابل. منين جات الشتا دار مظل، منين بدا المظل كيقطر فالداخل، دّاها عند واحد السودور بركاني دار ليها قادوس" .

السوسي "زقرام"

حب السوسي للمال، من خلال الصورة النمطية، التي تبْرع النكتة المغربية في تكريسها، هو حب مرضي، يفوق ما أورده الجاحظ في "البخلاء" بحيث قد يحرم" محماد"(الإسم النمطي للسوسي مول البيسري) نفسه من النوم لمزيد من تحصيل المال، أو انشغالا عليه، "بحال داك السوسي للي غادي مع صاحبو فالكار، نعس صاحبو وناض؛ وهو كَاع مارمّش، منين سولو، كَالو تفكرت واحد العشرة ديال الدراهم كنسالها لشي حد، شد صاحبو عطاه العشرة دراهم وهو يضربها بشخرة، بعد ساعة نوضو صاحبو وكَال ليه أرى داك العشرة دراهم باش ننعس حتى أنا". أو يقدر يهرس لولدو سنانو؛ إذا لقاه كيحك فمّو بالدونتي فريس !! شخصية السوسي في النكتة المغربية هي أول شخصية تفكه عليها المغاربة بعد الاستقلال، حينما انتقل المغرب من " الجهاد الأصغر" المتمثل في طرد المستعمر، بتعبير محمد الخامس، إلى "الجهاد الأكبر" القائم على التنافس السياسي والمالي، أساسا بين سواسة وفّاسة. وإذا كانت أول حكومة مغربية قادها البركاني مبارك البكاي؛ الذي سخر منه يوما " مولاي أحمد العلوي" حينما سأله " كيفاش كتمشي الأمور أ السي مبارك" لأن "البكاي" كان اعرج، فما كان من البكاي إلا أن رد الصرف، ملمحا إلى ضعف بصر العلوي" بحال للي كتشوف أمولاي أحمد"، فإن ثاني حكومة في تاريخ المغرب المستقل سيقودها سوسي هو "عبد الله ابراهيم"، إيوا هاد الشي ماغاديش يعجب الفاسيين أصحاب العلم والأدب وقليان السم بالصواب، وأراك على السوسي الزأغام. النكت على السوسي" الزقرام" ستجد، أيضا، سندها في ولع سواسة بالتجارة واقتحامهم جهات المغرب من خلال البيسري، وبما أن " المضحك هو الآخر" حسب "حسن الفد" فقد كان طبيعيا أن يطلق المغاربة العنان لمخيلتهم للتنكيت على هذا " الآخر" المتواجد بينهم.

الفاسي مطوّر وخوّاف

تحكي النكتة أن " الفاسي لقا شي عروبي كان حالف فيه، وديما كيكَول لصحابو؛ إذا تلاقيتو ماغاديش نقصّرلو، نهار لقاه مادار ليه والو، سولوه صحابو، وهو يقول لهوم: أنا عطيتو الصبّاعيات من تحت الجلابيات، ومخلّيتـلوشي فنفسي" كما يحكى أن "شي فاسي لقا مراتو فالبار مع شي واحد، وعوض ما ينوّض القيامة، بمنطق لعروبية، قال لها بانفعال: من هادي للكَاغو". الصورة النمطية التي يحملها المغاربة عن الفاسيين، هي صورة ذلك الخواف، المثلي جنسيا، للي كيحمر وجهوا منين كتدوي معاه، ولد ماماه، البياع شراي القوالبي... كما أن منظومة القيم التي ينسبها باقي المغاربة للفاسي، تظهره بمظهر المتحلل أخلاقيا " فاسة منين كيتلاقاو فشي قصارة، كيخلطو السوارت ديال ديورهم، وكيبداو يهزو من الطرف، للي جا فيه شي ساروت كياخد مولات الدار وكيمشي معاها..." يقول علاء من القنيطرة. ثم يضيف" لحقاش هما تخلطوا مع ليهود بزاف.. داك الشي علاش عندهوم هانية" ! إيوا هاذ الشي خايب بزاف. أن يصل الجهل بالآخر حد إطلاق المخيلة لهاذ الحد من الاستيهام، وتركيب صورة له (الفاسي)؛ لا توجد حتى في أكثر بلدان العالم "تحررا"، لهو أمر يستدعي إعادة النظر في ما يسمى " العرى الاجتماعية الوثقى للمغاربة" الباحث السوسيولوجي" جمال خليل" يعزي ترسب أفكار جاهزة لدى المغاربة عن بعضهم إلى اختلاف في الثقافة، من منطقة إلى أخرى، مع عدم بدل مجهود للتعرف، عن قرب، إلى ثقافة الآخر، وتفضيل تعميم أفكار جاهزة عنه. وهذا، ما يتسبب في تنميط الآخر في صورة وقالب مغلق" آجي نشوفو العلامة ابن خلدون للي عاشر فّاسة وعرف سرّهم آش كَال فيهم في كتابه "المقدمة". "و لما كانت فاس من بلاد المغرب بالعكس منها في التوغل في التلول الباردة كيف ترى أهلها مطرقين إطراق الحزن و كيف أفرطوا في نظر العواقب حتى أن الرجل منهم ليدخر قوت سنتين من حبوب الحنطة و يباكر الأسواق لشراء قوته ليومه مخافة أن يرزأ شيئاً من مدخره". الفاسي خو النملة !

الكازاوي "عايق و "خاسر"

يعتبر المونولوغيست الكازاوي "حسن الفد" أن " المغرب يتجه نحو التشابه، فلم يعد كيف ما كان هادي 20 عام. شحال هادي، يقول "الفد" كنا كنمشيو لطنجة كيبان الواحد غريب، دابا التقارب ولاّ كبير، والهوة الثقافية تتقلص " التقارب في الطباع الذي يتحدث عنه" الفد" بالرغم من كونه أصبح معطى سسيو اقتصاديا، في مدينتين صناعيتين بحجم الدار البيضاء وطنجة، فمازال هناك من يقاومه عبر استنهاض خصوصيات إثنو ثقافية نائمة، من قبيل التباهي بالأصول المزابية أو الزعرية أو الشاوية...بل حتى التمايز بالانحدار من حي هجين اجتماعيا، كالحي المحمدي، وربط ذلك بعدد من الصفات مثل الفحولة أو السخاء أو حدة المزاج. فنان الراب توفيق حازب يرد في حوار أجري معه سابقا عن سبب اختياره لقب "الخاسر"، قائلا " الخاسر صفة قبلتها لأرد على هؤلاء المنافقين في المغرب لّي كيخسروا الهضرة، وملي كتخسرها أنتا في السيدي مكايعجبهومش الحال، ثم يضيف، "الخاسر" لست أنا الذي اختار هذا الاسم، ففي كل مرة يتهمونني بأنني كنخسر الهضرة ". ايوا واش المغاربة كاملين كيخسروا الهدرة ولا غير كازاوا؟ العديد من الدراسات التي أنجزت في هذا الصدد بينت أن العنف اللفظي في المغرب أصبح، وطنيا، ظاهرة ملفتة. إلا أن أعمال فنية مثل ألبوم " مغاربة حتى للموت" ل"بيك الخاسر" ، أو فيلم "كازانيكرا" للمخرج "نور الدين لخماري" سترسخ انطباعا، من حيث انتسابها لأشخاص أو فضاءات بعينها، أن مستوى العنف وتخسار الهضرة خاصية محض كازاوية. هذه الصورة النمطية عن شخصية الكازاوي تؤكدها النكتة أيضا " قالك الفاسي عرض على الكازاوي، حط ليه الشهيوات وبدا عليه؛ شفتي هاد كعب غزال مصايب ب 30 بيضة، وهاد لملوزة مصايبة ب 20 بيضة. الكازاوي تفقص مزيان، واحد النهار وهويعرض على الفاسي جمع ليه 10 ديال ولادو وهو يكَول ليه شتي هاد 10 الدراري كلهم غير ب 2 بيضات" أو تلك التي تحكي عن " واحد العروبي جا لشاطئ عين الدياب بانو ليه البنات كيتشمشو، وهو يدور فواحد الساط كازاوي وكَال ليه؛ ناري كون كانت السيبة، رد عليه الساط كون كانت السيبة كون بديت بيك انت الاول". تخسار الهضرة، ليس الشيمة الوحيدة للكازاوي، بل هناك شيمة العياقة، فالكازاوي في حكم الأفكار الجاهزة هو شخص عايق وعاجبو راسو مزيان، تحكي النكتة" أن الكازاوي شرى طوموبيل إيركاط، بغا يجربها، ركب جارو معاه و شد طريق الرباط، مع الخرجة سمع فالراديو هنا الرباط، وهو يقول بشاااااااااااخ على الحديد" | كازاوي زايد عياقة " فتح حانوت ديال البوطات فركع خمسة ديال لقراعي باش يدير الافتتاح".

المراكشي لواط و سمّار

"البهجة" هي الصفة المحببة إلى قلب المراكشي، اعتبارا لشخصيته الخفيفة والمرحة والميالة إلى النكتة. وإذا كان المراكشي، حسب الصورة النمطية، التي رسمها له المخيال الشعبي، عندو قشابة واسعة، فليس ذلك فقط لتقبل الضحك، بل أيضا، لتحفزه الدائم للوقوف خلف كل من يريد أن يقف في المقدمة ! المراكشي حسب "حسن الفد"، يشكل إلى جانب العروبي، الثنائي الفريد، داخل الفسيفساء الاجتماعي المغربي، الذي لا يتحرج من الضحك على الذات" فحسب تجربتي في السخرية والضحك، يقول" الفد" فإن المراكشي والعروبي ماكتعقدوش منين كتضحك عليه، بل هو نفسه يمارس التفكه من الداخل دونما مركب نقص" ولكن منين جات صورة المراكشي "هاوي غلمان" أو " زوماح" بلغة بهجاوة ؟ " إن القواعد التي يقوم عليها الحط من قدر الآخرين لا تتضمن فقط المزاعم المغلوطة، لكن أيضا الوهم أن هوية مفردة يجب أن يربطها الآخرون بالشخص، لكي يحطوا من قدره" يقول الفيلسوف وعالم الاقتصاد "أمارتيا صن" إلا أنه، ولكي تترسخ هذه " المزاعم المغلوطة" وتتحول إلى بروفيل لا بد لها من عناصر داعمة. وبالرجوع إلى قصائد الملحون والآلة التي تغنى بها المراكشيون نجد أن" واحد الغُزيَّل" أو " الساقي مؤدَّب" حاضرة في مجالس الأنس والطرب، كما أنه متداول لدى معلمي الملحون؛ أن الواحد يلا بغا يتعلم خصّو يدوز تحت كرش لمْعلم. و لشاعر الحمراء محمد بن ابراهيم قصائد مشهورة في التغزل بالدراري. أما في النكتة فإن شخصية المراكشي تتسم بالرصانة و برودة الدم " كَالك هادا الفاسي كشكش على المراكشي، كَال ليه غادي نضربك حتى تدور، جا المراكشي جاوبو ببرودة؛ أنا حتى تدور عاد نضربك" غير بعيد عن صفة اللواط ، يصور لنا راديوالأحكام الجاهزة، المراكشي على أنه سمّار. السمّار هو للي كيحتك فالحلقة ولا فالطوبيس بشي واحد ولا شي وحدة" قالك هادا واحد السمّار طلع للطوبيس، وهو يسمر من ورا شي وحدة، منين عاقت كَالت ليه ،بالغوات، شنو كتدير..شنو كتدير، وهو يجاوبها باحتشام؛ مُعلّم. كَلت ليه آش كتدير دابا، كَالها؛ دابا كونجي"

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire