lundi 26 octobre 2009

مولاي الحسن ابن المهدي

مولاي الحسن ابن المهدي

خليفة بصلاحيات ملك

في 27 نوفمبر 1912 وقعت فرنسا واسبانيا معاهدة أصبحت بموجبها مناطق الشمال، بالاضافة إلى طرفاية والساقية الحمراء وسيدي إفني خاضعة لنفوذ " الحماية " الاسبانية. فبعد أن كان نظام " الخليفة " ساريا فقط في فاس ومراكش وتارودانت، أقرت هذه المعاهدة إحداث منصب الخليفة بالمنطقة الاسبانية، فكانت " مهام الخليفة تستلزم موافقة الحكومة الاسبانية لإسنادها وإلغائها " حسب الفقرة الثالثة من الفصل الأول من معاهدة 27 نوفمبر. وقد قضت الاتفاقية على أن النظام السياسي والقضائي الإداري والمالي والعسكري للمنطقة سيديره، تحت إشراف مقيم عام إسباني، خليفة للسلطان؛ يتم اختياره من بين مرشحين اثنين تقدمهما الحكومة الاسبانية. ويذكر المراقب العسكري الاسباني توماس غارسيا فيغيراس؛ أن أول من تم اقتراحه ليشغل منصب الخليفة السلطاني كان هو الزعيم التاريخي لقبائل جبالة مولاي أحمد الريسوني.

مراهق في قصر الخلافة

في 24 اكتوبر 1923 توفي الخليفة مولاي المهدي بسبتة. ولما كانت معاهدة 27 نوفمبر 1912 بين اسبانيا وفرنسا تنص على أنه في حالة وفاة الخليفة السلطاني؛ تسند مهامه، مؤقتا، إلى باشا تطوان، فقد تم تعيين الباشا " محمد الحاج" خليفة بالنيابة من تاريخ وفاة مولاي المهدي، إلى حين تنصيب ابنه مولاي الحسن في 8 نوفمبر 1925. ولد الأمير مولاي الحسن بلمهدي العلوي سنة 1911 بفاس، وانتقل رفقة والده إلى تطوان وهو ما يزال رضيعا، وبتطوان نشأ وتعلم في مدارسها العربية والاسبانية. وفي سن الرابعة عشرة من عمره أعلن مولاي الحسن خليفة للسلطان بالمنطقة الخليفية الاسبانية، وهو المنصب الذي شغله إحدى وثلاثين سنة، إلى حين حصول المغرب على استقلاله سنة 1956، حيث سيحتفظ مولاي الحسن؛ الذي سيعينه الملك محمد الخامس سفيرا للمغرب بلندن من1957 إلى1965 ثم سفيرا بروما من 1965 إلى1967. وبعد ذلك عين مديرا عاما للبنك الوطني للتنمية الاقتصادية قبل أن يعينه الحسن الثاني واليا لبنك المغرب وهو المنصب الذي ظل يشغله إلى حين وفاته في فاتح نونبر1984 .

" السلطان" مولاي الحسن !

كان الخليفة السلطاني في منطقة الحماية الاسبانية " يتمتع بكل الصلاحيات التي كان يتمتع بها السلطان في المنطقة الخاضعة للحماية الفرنسية، فالفقرة الرابعة من الفصل الأول من المعاهدة الفرنسية الاسبانية كانت تنص صراحة على أن الخليفة يتمتع بتفويض عام شامل من السلطان مادام ذلك يتفق ومصلحة اسبانيا... كما كان الخليفة السلطاني بتطوان يملك حق التشريع بنفس الصفة التي كان يتمتع بها السلطان في منطقة الحماية الفرنسية " يؤكد المؤرخ محمد ابن عزوز حكيم في كتابه " أب الحركة الوطنية الحاج عبد السلام بنونة "، ويضيف أن " الدعاء للسلطان في خطبة الجمعة كان يشفع بالدعاء للخليفة ". وإذا كان هذا كله مضمن علنا في اتفاقية 1912، فإن مياهً أخرى كنت تجري عبر قنوات سرية. إذ " تقول بعض الوثائق السرية، حسب ابن عزوز حكيم، أن اسبانيا فكرت سنة 1953 في الإعلان عن الخليفة السلطاني ملكا على منطقة الشمال " هذا الرأي تؤكده بعض الوقائع التي أوردتها ماريا روسا دي مادارياغا في كتابها " مغاربة في خدمة فرانكو" فقد سبق لباشا العرائش، خالد الريسوني، الذي لم يكن، للمفارقة، غير ابن للزعيم التاريخي لقبائل جبالة، أن صرح بعد أن تم تعينه في مارس 1937 رئيسا شرفيا لجيش الكتائب " الفلانخي" قائلا " مسلمون واسبان نقاتل كلنا من أجل قضية واحدة في سبيل الله... عاش الجنرال فرانكو، عاش السلطان مولاي الحسن !" وفي واقعة مماثلة سوف يرِد في خطاب للمراقب العسكري غارسيا فيغيراس "... سنقاتل حتى النصر مرددين: عاش المغرب !عاش سلطاننا مولاي الحسن.. !"

غريب لا علاقة له بالشعب !

في سنة 1924 كان محمد ابن عبد الكريم الخطابي قد ألحق أشد الهزائم بالجيوش الاسبانية؛ وسلبها عتادها و مواقعها الاستراتيجية " مما دفع المخزن) الخليفة) أن يوجه إلى القبائل الريفية رسالة في يونيو 1924 لحثها على الخضوع للمخزن وعدم اتباع ثورة الزعيم محمد ابن عبد الكريم الخطابي، مع أسلوب مليء بالتهديد والترغيب والترهيب". بعد ذلك بحوالي عامين، وتحديدا " في فاتح غشت 1926، صدر الظهير الخليفي بتثقيف جميع أملاك الزعيم محمد ابن عبد الكريم الخطابي، مع المزروعات وغيرها ألخ، متبوعا بظهير آخر بتاريخ 9 أكتوبر 1926، يقضي بدوره بتثقيف أملاك أتباع الزعيم المذكور... وفي هذا العام، وبالظبط في 13 يونيو 1927، توجه وفد من قبل المخزن( أي الحكومة الخليفية) برئاسة القايد ادريس الريفي .. مصحوبا بهدية ودبائح لضريح الولي الأكبر مولانا عبد السلام ابن مشيش، محملين برسالة شفهية عن جانب المخزن بالتعهد بالأمان، والصفح عن كل ما صدر وكان، بحيث أنه إذا أنابوا إلى الطاعة، وسلكوا مسلك الجماعة، فإن عفو المخزن يعمهم وصفحه يشمل سائر جناياتهم، عهدا عاما منه ومن الجنرال المقيم العام، بحيث لا تخفر لهم ذمة ولا يهتك لهم جاه ولا حرمة " حسب ما ورد في " تاريخ تطوان" لمحمد داوود. أما ماريا روسا دي مادارياغا فتذهب إلى أنه " عندما اندلعت المقاومة العسكرية في المغرب، وضعت السلطات الاسبانية الخليفة أمام الأمر الواقع، ولم يسعه إلا تنفيذ كل أوامرها. ولم تكن المناسبات التي كان فيها الخليفة يعبر عن " دعمه اللامشروط لفرانكو" بالقليلة. كما تعددت الحملات في القبائل التي تحث المغاربة على الانخراط في عملية الجهاد إلى جانب الاسبان ضد الملحدين؛ فكان الخليفة يتحرك داخل مجال الحماية أو في اسبانيا، كالدمية، لا حول له ولا قوة. ثم تضف ماريا روسا، لم يختلف الابن "مولاي الحسن" عن أبيه حيث غابت لديه الشخصية كما غابت المبادرة، ولم يستحق لقب خليفة إلا لانتمائه لعائلة السلطان. ولم يكونا بالنسبة لأهالي القبائل إلا شخصين غريبين لا علاقة لهما بالشعب."

موقف الخليفة من نفي السلطان

على اثر خلع محمد الخامس عن العرش، بادر حزب الإصلاح الوطني الذي كان يتزعمه عبد الخالق الطريس، إلى رفع مذكرة إلى الخليفة مولاي الحسن ابن المهدي جاء فيها " عندما أعلنت السلطات الفرنسية خلع محمد الخامس عن العرش، ونفيه إلى جزيرة كرسيكا، بادر سمو الخليفة في المنطقة الخليفية باستنكار ذلك العمل، في خطاب ألقاه في قصره، وفهم فهما ضمنيا، وقتئد، أن سموه لا يوافق مطلقا على هذا التصرف" ويورد المؤرخ البلجيكي جون وولف، في كتابه " ملحمة عبد الخالق الطريس" أن " الموقف الذي وقفه الخليفة السلطاني في خصوص هذه القضية المؤلمة ( عزل محمد الخامس) من أسمى المواقف، خصوصا وأنه كان يتعرض لضغوطات قوية بقدر ماهي متباينة، وحتى متناقضة. لقد حفزه ضميره، يؤكد جون وولف، ومجهودات الوطنيين على التشبث بمسلكه. لكن من جهة أخرى، كان الوسطاء من ذوي النيات الحسنة ( وأصحاب الأغراض، ولاشك) يوافونه برسائل سرية من عند سلطات الاحتلال، وحتى من القصر بمدريد، تنبهه كلها على أن من مصلحته الخاصة، ومن مصلحة المنطقة ألا يهدد مستقبله بتصريحات غير موفقة عن وفائه اللامشروط لأي كان". لقد كان الخليفة في هذه الفترة الدقيقة من تاريخ المغرب في حيص بيص، بين الرضوخ لضغط الوطنيين بالانتصار لمحمد الخامس والتشبث به ملكا شرعيا، وبين الإذعان للرسائل السرية التي كانت تصله من صديقه الكلاوي؛ يذكره فيها بمصاهرته لابن عرفة. فقد كان ابنا " السلطان الدمية" مولاي أحمد ومولاي امحمد متزوجين من ابنتي الخليفة مولاي الحسن ! ها النسوبية ها لعمومية، وفكها . أما المؤرخ المختص في تاريخ الشمال محمد ابن عزوز حكيم، فقد صرح ل" نيشان" بأن "عدم وجود أي كتاب لحد الآن يتناول تجربة الخليفة السلطاني مولاي الحسن ابن المهدي، كيرجع لكونه كانت عندو مواقف متذبذبة من نفي محمد الخامس.. لأن ابن عرفة كان نسيبو" ايوا شكون نتيقو؟

إطار

مولاي المهدي

خليفة السلطان ايلا كَالوها الاسبان

كان الخليفة مولاي المهدي ابن الخليفة مولاي إسماعيل ابن السلطان سيدي محمد ابن السلطان مولاي عبد الرحمان، هو أول خليفة يعين على المنطقة الاسبانية، بظهير صادر عن السلطان مولاي يوسف. فبتاريخ27 أبريل 1913 حل مولاي المهدي بتطوان رفقة عائلته؛ حيث استقر بقصر المشور. وقد كان حظ الخليفة منذ البداية عاثرا، فقبائل جبالة كانت قد اجتمعت، أشهرا قبل وصوله، بضريح القطب الصوفي مولاي عبد السلام بن مشيش، وتعاهدت على تنظيم الجهاد ضد" المحتل الغاشم" وهكذا انطلق " البراحة" في الأسواق والمداشر لتعبئة الناس للجهاد " وقد وقع الإجماع من الشيوخ على أن القبائل الجبلية كلها كانت مصممة على مقاومة الاحتلال الاسباني، وأن كل قبيلة أو ناحية، تَقدم منها للقيادة والرياسة فيها أحد كبار رجالها من المشهورين بالشرف والمروءة والدين، أو الرجولة والبطولة وحسن التدبير... وقد كانت الوضعية في أواسط 1913، حسب محمد داوود، في كتابه " تاريخ تطوان" كما يلي: الاسبانيون مستقرون بتطوان وضواحيها بإداراتهم المدنية والعسكرية، وجيوشهم الحربية، يستعدون لاحتلال القبائل الجبلية، وأهالي تلك القبائل مرابطون مصممون على رفض ذلك الاحتلال والاستعداد لمقاومة كل هجوم على قبائلهم بالسلاح. وإزاء ذلك، يضيف محمد داوود، رأت الحكومة الخليفية، إما من عندها، وإما بأمر صدر لها من المقيم العام الاسباني، أن تبعث إلى عدد من قبائل المنطقة، رسائل تذكرها بالواجب عليها في نظرها، وتدعوها للوفود لتعين لها واليا عليها من بين رجالها" وقد استمرت رسائل الخليفة تدعوا القبائل الثائرة إلى الخضوع حتى سنة 1919؛ حيث سيغير الخليفة مولاي المهدي استراتيجيته، من تحذير القبائل إلى مصادرة محاصيلها وأملاكها " وبما أن الريسوني، يقول محمد داوود، قد أظهر في هذه الفترة عداءه للسلطة وأعلن مقاومته لها، فقد أصدرت هذه أمرا بحجز جميع ما يملكه من أموال وأراضي ومواشي وغير ذلك، وصدر بذلك ظهير خليفي بتاريخ 5 يوليوز 1919" وعلى نهج والده سيمشي، بعد سبع سنوات من هذا التاريخ، الخليفة مولاي الحسن ابن المهدي، حينما سيصدر سنة 1926 ظهيرا يقضي بتثقيف أملاك الأمير محمد ابن عبد الكريم الخطابي وأتباعه.

إطار

شكيب أرسلان

مرشد الحركة الوطنية

يوم 10 غشت 1930 وصل الأمير السوري شكيب أرسلان إلى ميناء طنجة، ولم يكن قد مضى على انفجار قضية الظهير البربري إلا ثلاثة أشهر. لذلك كتب المقيم العام الاسباني بتطوان إلى حكومة مدريد يقول" ...إن زيارة الأمير لتطوان لم تكن مجرد سفر من أجل الفسحة، وإنما كانت تخضع لبرنامج وضعه الأمير نظرا للمركز الذي يحتله بصفته المرشد لجميع الحركات الوطنية في البلاد الإسلامية عموما والعربية خصوصا..." وقد رحبت اسبانيا عبر القنصل المراقب المحلي بتطوان الذي كتب إلى الحاج عبد السلام بنونة المعروف ب" أب الحركة الوطنية " قائلا" صاحب الفضيلة. أؤكد لفضيلتكم ما جاء في مكالمتي الهاتفية صباح هذا اليوم، فأخبركم أن سعادة المقيم العام لا يرى مانعا في أن يقوم الكاتب العربي شكيب أرسلان بزيارة لمدينتنا هذه باستدعاء من الحاج عبد السلام بنونة " فبعدما خرج عدد من أعيان طنجة في استقبال الأمير، غادر هذا الأخير إلى تطوان قبل أن يصل قرار فرنسي بطرده. وفي تطوان تشكلت لجنة من الوطنيين لتنظيم استقبال يليق بمرشد الحركات الوطنية " أمير البيان" و " أمير الإسلام" كما كان يسميه عبد الخالق الطريس. وقد كتب الأمير عن هذه الزيارة" شعرت وأنا في تطوان بنهضة قوية فوق ما كنت أتصور" وقد لعب عطوفة الأمير( هكذا كانوا ينادونه) دور سفير الحركة الوطنية لدى اليسار والمثقفين في أوروبا والعالم العربي، خصوصا بعد صدور الظهير البربري. كتب مرة إلى بنونة يقول " من المصلحة ألا تكتبوا لي بشيء إذا وقع بيد الفرنسيين أو الاسبانيين يكون حجة بأنني على صلة بالحركة الوطنية المغربية"

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire